تتواصل في صفاقس فعاليات المنتدى العلمي الذي ينتم في اطار الدورة 14 للصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية وقد تطرق اليوم الباحثون والمهنيون اليوم الخميس في الى موضوع « الحوكمة وحسن إدارة الموارد المائية في تونس »، وتم التأكيد في ذلك على أن الخيار الإستراتيجي المستقبلي يكمن في التوجه نحو المياه غير التقليدية بتحلية مياه البحر، وتثمين المياه المستعملة والمعالجة، وذلك في ظل ما تعيشه تونس من ضعف كبير في الموارد المائية يهدد الأمن المائي .
وقد أفاد الأستاذ الجامعي المختص في المياه بالمعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس، حمادي الحبيب، في مداخلته والتي عنونها ب « إنتاجية المياه » ، بان  » الموارد المائية التقليدية في تونس ضعيفة جدا، حيث تمثل 4.8 مليار متر مكعب منها 2.7 مليار متر مكعب موارد سطحية و 2.1 مليار متر مكعب موارد جوفية » .
كما إعتبر، الحبيب، أن « المواطن التونسي اليوم يعيش تحت خطي الشح والفقر المائي، بإعتبار أنه يتمتع بـ420 متر مكعب من الماء سنويا، في حين أن المواصفات العالمية تحدّد خط الشح المائي بـ 500 متر مكعب في السنة لكل مواطن.
وأرجع ضعف الموارد المائية التقليدية في تونس، إلى الحاجيات المائية التي ما فتئت تتزايد من سنة إلى أخرى، وإلى النمو الديمغرافي المتزايد، وإحتياجات القطاع الفلاحي الذي يعتمد على الزراعات السقوية، معتبرا أنّ 80 بالمائة من الثروة المائية في تونس مهدورة في الفلاحة، على حدّ قوله.
وأكد الأستاذ الجامعي، حمادي الحبيب، على أن الخيار الإستراتيجي المستقبلي يجب أن يتجه نحو المياه غير التقليدية، منها تحلية مياه البحر، على غرار محطات تحلية مياه البحر في جربة التي دخلت حيز الإستغلال، وصفاقس، والزارات بقابس، واستعمال المياه غير المعالجة خاصة في الفلاحة لري الأشجار المثمرة، والإشتغال على إنتاجية المياه في القطاع الفلاحي، من خلال المدارس الحقلية، وتقريب البحث العلمي من الفلاح بالتعاون مع المرشدين الفلاحيين، والمندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية، وذلك بهدف دعم إنتاجية المياه لدى الفلاحين « .
من جهته، أكد مدير تثمين المياه المعالجة في الديوان الوطني للتطهير، والدكتور في البيولوجيا التطبيقية، ثامر الجوادي، أنه « في ظل التغيرات المناخية، وتزايد الطلب على الموارد المائية التقليدية، والتطور الديمغرافي الهام ، بات التوجه نحو المياه غير التقليدية ضرورة ملحة « ، وفق تقديره.
وذكر أنّ تونس تضم قرابة 127 محطة تطهير تنتج في حدود 294 مليون متر مكعب من المياه المستعملة المعالجة، أي ما عادل مخزون سد كبير، إلّا أنّ تثمين وإعادة إستعمال المياه المعالجة في عديد المجالات مثل القطاع الفلاحي، وري ملاعب الصولجان، والمناطق الخضراء، وتغذية البحيرات والسباخ، لا يتجاوز 60 مليون متر مكعب سنويا، أي نسبة 20 بالمائة سنويا، والتي تعديفة جدا « ، وفق تقديره.
ولفت إلى أن تثمين وإعادة إستعمال المياه المعالجة، يستوجب، صيانة القنوات وإعادة تهيئتها، ومزيد تركيز أحواض لتجميع المياه المعالجة، ومراجعة المواصفات التونسية م ت 106 -03 التي تعنى بتثمين القطاع الفلاحي، في حين أنه في ظل النقص الفادح في المياه التقليدية، والإتجاه نحو إستعمال المياه المعالجة، يجب إستعمال المياه المعالجة في القطاع الصناعي، وري زراعات لايخولها القانون، فضلا عن إعادة تهيئة محطات التطهير القديمة ».
وأضاف أن « الديوان الوطني للتطهير ينجز حاليا مشروع إعادة تهيئة 55 محطة تطهير، وفصل المياه الصناعية عن المياه المنزلية، وإنجاز 9 محطات تطهير مرتبطة بالوحدات الصناعية، وإحداث وحدات معالجة ثلاثية بالمحطات القديمة والمحطات الجديدة، من أجل تحسين نوعية المياه المعالجة  » .
من ناحيتها، قالت الدكتورة الباحثة في معهد الزيتونة، آمال القادري، إنّه « من أجل تحقيق التوازن بين الثروة المائية التقليدية المحدودة جدا في تجددها، والحاجيات الكبيرة، يجب التحكم في الثروة المائية، سيما في المجال الفلاحي الذي يستهلك 80 بالمائة من الموارد المائية، مقارنة بالماء الصالح للشراب، والماء المستعمل في المجال الصناعي، والإشتغال على المحاسباتية في قطاع الماء، من خلال التفكير في زراعات تستهلك أقل كمية من الماء، وتصدير منتوجات فلاحية لا تستهلك الكثير من الماء، وذلك من أجل تفادي الوصول إلى خط الشح والفقر المائي « ، بحسب تقديرها.
ويعد تنظيم هذا المنتدى العلمي والإقتصادي، ضمن فعاليات الصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية، من العلامات المميزة وذلك لما يتضمنه الى جانب طرح الرهاانت في القطاع، البحث عن أبرز السبل لتجاوزها وتثمين المبادرات والتجارب الناجحة وتقدبم مدى تطور الأبحاث العلمية في ذلك المجال، وذلك ترسيخ لعادة متأصلة في منهج عمل جمعية معرض صفاقس الدولي ألا وهي الانفتاح على البحث العلمي والمعرفي .